X

الكسل الوظيفي للعين

ما هو الكسل الوظيفي

الكسل الوظيفي في العين (ويعرف أيضاً بالغطش أو الغمش) هو أن تكون الرؤية في العين أقل من الطبيعي مع وجود النظارة المناسبة وبدون وجود سبب مرضي في العين يفسر ذلك أو بعد العلاج المناسب للسبب المرضي، والكسل الوظيفي قد يكون خفيف جداً كأن تكون أفضل رؤية ممكنة في العين مع النظارة تصل حتى 8\10 أو 9\10، وقد يكون شديد أو حتى شديد جداً لدرجة تقارب العمى.
غالباً ما يصيب الكسل الوظيفي عين واحدة فقط لكن في بعض الأحيان قد يصيب كلا العينين.
ينجم الكسل الوظيفي عن أي سبب يعيق الرؤية الجيدة خلال السنوات الأولى للحياة وهي السنوات التي تتطور فيها المهارات الأساسية للدماغ مثل القدرة على الكلام والحركات المتناسقة والسمع والبصر، وبالتالي ما يحدث أنه حتى ولو تم علاج السبب الذي أدى لإعاقة الرؤية فإن الدماغ قد لا يستطيع تطوير قدرته على الرؤية الجيدة لسببين أساسيين هما:
1- انقضاء الفترة الذهبية لتطور المهارات الدماغية الأساسية.
2- اعتماد الدماغ على عين واحدة مفضلة لديه يجعله غير مضطر لأن يستخدم العين السيئة حتى بعد تصحيح المشكلة المرضية فيها أو وصف النظارة المناسبة لها.
ما يحدث في الكسل الوظيفي باختصار أن الدماغ لم يتعود على الرؤية بوضوح من هذه النافذة (التي هي العين)

الانتشار والأهمية

الكسل الوظيفي شائع جداً وبصورة أكبر مما يتخيل معظم الناس، وربما 5% من أفراد المجتمع لديهم درجة ما من الكسل الوظيفي.
لكن أهمية الكسل الوظيفي لا تأتي فقط من انتشاره الواسع بين الناس ولكن أيضاً من كون الاكتشاف والعلاج الباكر هما العامل الحاسم في إمكانية المعالجة:
*- الغالبية العظمى من حالات الكسل الوظيفي كان من الممكن علاجها أو حتى منع حدوثها فيما لو تم اكتشافها أو اكتشاف مسببها بعمر باكر ومن هنا تأتي أهمية المسح الشامل للأطفال قبل عمر الروضة.
*- عادة لا يمكن علاج الكسل الوظيفي مطلقاً بعد عمر 13 سنة والكثير من الحالات لا يمكن علاجها بعمر أصغر بكثير وحتى في بعض الحالات مثل تلك الناجمة عن الساد الولادي وحيد الجانب فإن تأخر المعالجة المناسبة لعدة أشهر فقط سيؤدي إلى كسل وظيفي شديد لا يمكن علاجه بأي وسيلة كانت.

المسببات

*- تفاوت الانكسار بين العينين: هو السبب الأكثر شيوعاً للكسل الوظيفي ولكن لحسن الحظ فهو أيضاً الأكثر قابلية للعلاج وغالبية الحالات الناجمة عن تفاوت الانكسار بين العينين يمكن علاجها حتى بعد عمر 10 سنوات، وتفاوت الانكسار يعني وجود فارق هام في درجات أسواء الانكسار بين العينين وبصورة خاصة تفاوت الانكسار المدي حيث من المعروف أن فارق درجة واحدة فقط في مد البصر (طول النظر) بين العينين قد يسبب الكسل الوظيفي.
*- الحول: هو السبب الثاني من حيث الانتشار لكنه الأكثر أهمية حيث أنه قد يسبب درجة شديدة من الكسل الوظيفي بعين واحدة لا يمكن علاجها بعمر10 سنوات وأحياناً حتى بعمر 4 أو 5 سنوات .
*- أسواء الانكسار العالية في كلا العينين: الدرجات العالية من مد البصر (أكثر من 4 درجات) وحرج البصر أكثر من درجتين (اللابؤرية أو الأستغماتيزم أو باللغة العامية الانحراف) أو حسر البصر (قصر البصر) قد تسبب الكسل الوظيفي في كلا العينين وعادة ما يكون الكسل خفيف أو متوسط الشدة، وينجم عن التأخر في لبس النظارة المناسبة.
*- كسل الحرمان البصري وهو أشد أنواع الكسل الوظيفي وأصعبها علاجاً وينجم عن مرض يمنع تشكل الخيال على شبكية العين خلال السنوات الأولى للحياة والأسوأ ان يكون من الولادة، وأهم الأمراض المسببة هو الساد الولادي، كثافات القرنية الولادية أو المكتسبة في السنوات الأولى للحياة، انسدال الجفن الولادي الشديد بعين واحدة وأمراض أخرى عديدة لا مجال لذكرها حالياً. وتجدر الملاحظة أن تغطية إحدى العينين ليوم واحد فقط عن الرضع قد تسبب الكسل الوظيفي، كما تجدر الملاحظة أيضاً أن الكسل الوظيفي الخفيف أو الناجم عن سبب بسيط جداً في عين واحدة في السنوات الأولى للحياة قد يتفاقم بشكل كبير ويتطور إلى كسل وظيفي شديد وصعب المعالجة بسبب استمرار تفضيل الدماغ للعين الأخرى مما يؤدي أحياناً إلى تطور حول دقيق الزاوية Microtropia قد لا ينتبه له مما يزيد من الاعتماد على العين الأخرى ويزيد من الكسل الوظيفي بما يشبه الدخول في حلقة مفرغة.  

التشخيص

الكسل الوظيفي هو أساساً نقص في القدرة البصرية ولا يمكن تقييم القدرة البصرية عادة في الأطفال في السنوات الأولى للحياة بشكل موثوق، وفي نفس الوقت فإن التأخر في التشخيص سيؤدي إلى زيادة صعوبة المعالجة واحتمال استحالة المعالجة، لذلك فإن التشخيص الباكر يتطلب خبرة ومعرفة من الطبيب وعموماً يفضل أن يكون متخصص في الحول وطب العيون عند الأطفال حيث سيستطيع أن يشخص وجود أفضلية لعين على الأخرى حتى ولو كان الطفل غير متعاون وهناك بعض النقاط يجب الانتباه إليها:
1- وجود الحول الثابت في نفس العين دائماً عند الطفل يعني بشكل حتمي وجود الكسل الوظيفي فيها.
2- وجود درجتين فارق في مد البصر بين العينين يعني بشكل حتمي وجود الكسل الوظيفي في العين التي فيها درجات المد أعلى ويبدأ خطر الكسل الوظيفي من درجة واحدة فارق بين العينين.
3- ساد ولادي وحيد الجانب يعني حتماً وجود كسل وظيفي شديد.
4- قبل تشخيص الكسل الوظيفي يجب إجراء فحص دقيق للعين يشمل تحديد أسواء الانكسار بعد قطرة شل المطابقة وفحص الأوساط الكاسرة على المصباح الشقي وفحص قعر العين بدقة لنفي أي إصابة في العصب البصري أو الشبكية، كما لا يجب تشخيص أي نقص في الرؤية غير واضح السبب على أنه كسل وظيفي وإنما يجب أن يكون هناك مبرر للكسل الوظيفي، وقد يتطلب الأمر أحياناً فحوص خاصة مثل تصوير الشبكية أو التخطيط الكهربائي للشبكية والعصب البصري، ولا تعطي هذه الفحوص تشخيصاً للكسل الوظيفي ولكنها تنفي وجود حالة مرضية أخرى.

العلاج

1- الخطوة الأولى في علاج الكسل الوظيفي هي تصحيح السبب الذي أدى له مثل وصف النظارة المناسبة أو إجراء جراحة الساد في حال وجوده أو تصحيح وضع الجفن مثلاً في حال كان يعيق الرؤية وغيرها من العلاجات اللازمة للمرض العيني الذي يعيق الرؤية في حال كانت هذه المعالجة ممكنة، ولكن مع استثناء مهم جداً وهو جراحة الحول فلا يجوز أبداً إجراء جراحة الحول قبل علاج الكسل الوظيفي إن كان عمر المريض يسمح بعلاج الكسل الوظيفي.
2- يكفي وصف النظارة المناسبة فقط كعلاج وحيد للكسل الوظيفي في حالات قليلة جداً وخفيفة الدرجة.
3- تتطلب معظم حالات الكسل الوظيفي إجراء تغطية للعين الجيدة بلصاقات خاصة بما يؤدي إلى إجبار الطفل على استخدام العين الكسولة وفيما يلي بعض الملاحظات للأهل عن تغطية العين الجيدة:
*- الطبيب المتخصص هو وحده من يقرر عدد ساعات التغطية في اليوم وعدد أيام التغطية اللازمة وذلك بحسب عمر الطفل وشدة ونوع الكسل الوظيفي.
*- ساعات التغطية اليومية قد تكون ساعتين فقط أو حتى ساعة واحدة وقد تكون تغطية لكل ساعات الصحو في اليوم أو لمعظم ساعات الصحو.
*- يجب أن تستمر التغطية حتى تساوي الرؤية بين العينين أو الوصول إلى أقصى تحسن ممكن في القدرة البصرية في العين الكسولة، وفي الكثير من الحالات يستمر الاعتماد الدماغي على العين الأخرى رغم تحسن الكسل الوظيفي مما يتطلب تغطية خفيفة داعمة تستمر لعدة أشهر أو حتى سنوات للوقاية من عودة الكسل الوظيفي.
*- في حالات الكسل الوظيفي الشديد من الطبيعي أن يرفض الطفل التغطية ويقاومها بصورة شديدة ولكن التساهل أو الانتظار لعمر أكبر سوف يزيد المشكلة سوءاً وقد يؤدي إلى استحالة تحسن الرؤية، وعادة ما يكون الأسبوع الأول من التغطية هو الأكثر صعوبة ويتطلب وجود أحد الأبوين دائماً مع الطفل.
*- هناك بعض العلاجات البديلة عن التغطية سوف نتحدث عنها لكن في حالات الكسل الشديد لن تفيد أي معالجة غير التغطية ولساعات طويلة يومياً، والحالات التي لا تتحسن رغم الالتزام الجيد بالتغطية لساعات طويلة يوميا، لن تتحسن بأي وسيلة أخرى (للأسف)
*- إن مرور شهرين من الالتزام الموثوق بالتغطية لمعظم ساعات اليوم مع النظارة المناسبة وبدون ملاحظة أي تحسن ملموس يجعل الأمل ضعيف في التحسن ويمكن أحياناً استمرار التغطية لشهر ثالث إضافي لقطع الشك باليقين وللأسف في هذه الحالة لن يكون هناك أي علاج ممكن لتحسين الرؤية.
*- تجري التغطية باللصاقات الخاصة التي تلتصق على الجلد حول العين ولا يجوز استخدام الوسائل التي تغطي عدسة النظارة (وهي متوفرة بأشكال متنوعة) إلا في حالات الكسل غير الشديد وبشرط مراقبة الطفل بشكل جيد والتأكد من أنه ملتزم بالنظارة ويستخدم العين الكسولة (لأن الطفل في هذه الحالة قد ينزع النظارة أو يرى من تحت العدسة المغطاة كلما احتاج ذلك وقد لا ينتبه الأهل لهذا)
*- يجب أن تكون ساعات التغطية هي ساعات نشاط بصري للطفل بحيث يجري فيها الدراسة وحل الوظائف والرسم والتلوين ومشاهدة التلفاز أو الموبايل (ضمن أوقات محددة) ولن تكون التغطية مجدية إذا كان الطفل يؤجل كل نشاطاته لما بعد انتهائها.
*-في حال عدم التحسن على التغطية يجب زيادة ساعاتها والتأكد من التزام الطفل بها ويمكن الانتقال إلى الطرق البديلة عن التغطية في حال كان الكسل غير شديد وتحققت شروط هذه العلاجات.
4- أهم العلاجات البديلة للتغطية هي تشويش العين الجيدة بقطرة الأتروبين وهي معالجة متوفرة وسهلة ورخيصة جداً ومعروفة من سنين طويلة، المشكلة أنها لا تفيد في حالات الكسل الشديد كما لا يجوز استخدامها في السنوات الأولى للحياة لأنها قد تسبب الكسل في العين الجيدة، واستخدامها الأساسي هو للأطفال في أعمار المدرسة وغالباً بعد الضجر من التغطية وعدم الالتزام بها وهي معالجة تجري حتماً بإشراف الطبيب المختص وتتطلب شروط معينة.
5- التغطية بالنظارات الذكية وهي نظارات خاصة يتم وضع درجات الطفل نفسها فيها وتمتلك خاصة تعتيم إحدى العينين في أوقات محددة يتم برمجتها عليها، وهي في الحقيقة مكلفة جداً وقليلة التوفر وفي نفس الوقت لا تقدم فائدة كبيرة.
6- تمارين الرؤية المشتركة بالعينين وهي تجري على أجهزة خاصة في مراكز متخصصة أو عبر أجهزة منزلية منخفضة التكلفة نسبياً أو عبر برامج كمبيوتر ونظارات خاصة مرافقة، وليس من المؤكد مدى فعالية هذه العلاجات والأفضل اعتبارها علاجات مساعدة للتغطية في حالات معينة ولكن هناك أجيال أكثر تطوراً من هذه التمارين تعتمد على تقنية الواقع الافتراضي قد تصبح متوفرة قريباً وقد تشكل بديلاً جيداً عن التغطية.